خلال الأسبوع الحالي، أعلنت الحكومة الائتلافية البريطانية عن خطط إنفاقها خلال السنوات الأربع المقبلة. وها نحن نخطو خطوات عاجلة نحو خفض معدل الدين القومي والتصدي للعبء المالي الذي ورثناه. وقد أظهرنا أن لنا من العزم والإرادة على أن ننفق في حدود مواردنا وإمكاناتنا. وفي الوقت نفسه مضينا حثيثاً نحو تعزيز جهودنا الدبلوماسية مع بقية دول العالم، ورفع مستوى علاقاتنا مع الاقتصادات الأسرع نمواً، وتقديم بريطانيا كوجهة للأعمال والاستثمارات. ولأننا ندرك أن التعافي الاقتصادي يبدأ بالداخل، فعلينا أن نتطلع إلى ما وراء شواطئنا وسواحلنا بحثاً عن فرص جديدة وشركاء جدد. ولا ريب في عظم التحديات الاقتصادية التي نواجهها، فقد ورثنا أحد أضخم عجز الموازنات الحكومية في أوروبا ومجموعة الدول العشرين G20. غير أن لنا رؤية واضحة لما يجب أن يكون عليه مستقبل بلادنا. وعليه، فقد اخترنا الإنفاق على الأولويات الأكثر أهمية: الرعاية الصحية لمواطنينا، وتعليم شبابنا، فضلاً عن الإنفاق على أمننا الوطني والبنية التحتية الداعمة لنمونا الاقتصادي. ونعمل على بناء مجتمع أكثر عدالة ومسؤولية، مع إتاحة الفرص لتخلّص المزيد من البريطانيين من هوة الفقر، مع تركيز الدعم الحكومي على الفئات الاجتماعية الأشد حاجة له. ونعمل كذلك على إصلاح الخدمات العامة عن طريق تحسين مستوى الشفافية والمحاسبة، ومنح مزيد من الصلاحيات والمسؤولية للمواطنين، إضافة إلى تعزيز التحسينات المستدامة البعيدة المدى للخدمات. كما ننهمك في بناء اقتصاد أقوى يوفر مزيداً من الوظائف وفرص النمو والاستثمار من أجل تعافٍ اقتصادي يقوده القطاع الخاص. وفي الوقت نفسه حمينا بقدر ما نستطيع، مجالات الإنفاق العام ذات الأهمية للنمو الاقتصادي، مع تبنينا للإصلاحات الهادفة إلى خفض تكلفة جميع هذه الأهداف. وندرك أنه يستحيل علينا أن نحقق نمواً اقتصادياً مستداماً دون توفر إنفاق حكومي معافى. ولذلك فقد أنشأنا مكتباً جديداً مستقلاً هو "مكتب مسؤولية الموازنة" بهدف إناطة مسؤولية وصلاحية تحديد حجم النمو الاقتصادي والتنبؤات المالية، بهيئة مستقلة تتمتع بحصانة كاملة من تأثير الدوائر السياسية عليها. وقد تعهدنا بإزالة العجز الهيكلي للمملكة المتحدة بنهاية ولاية البرلمان الحالي، وهذا ما رحب به صندوق النقد الدولي، باعتبار أن ذلك التعهد يمثل خطوة ضرورية لضمان الاستدامة المالية والتعافي الاقتصادي المتوازن. وتعد مراجعة سياسات إنفاقنا العام جزءاً من خطة طموح أوسع، تهدف إلى خلق بيئة استثمارية نتطلع لأن تكون الأكثر جاذبية على نطاق العالم بأسره. وندرك أن على الاقتصاد البريطاني في المستقبل أن يبنى على الاستثمار والادخار والصادرات. وعليه فقد عقدنا العزم على استخدام خطط توطيد نظامنا المالي باعتبارها نقطة فارقة في اتجاه التعافي الاقتصادي عبر القطاع الخاص. وابتداءً من العام المقبل، سوف نعمل على الخفض التدريجي للضرائب المفروضة على الشركات إلى نسبة 24 في المئة، ما يجعل من بريطانيا الدولة الأدنى ضريبة بين مجموعة الدول السبع، وإحدى أدنى الدول ضريبة بين مجموعة الـ20. وسوف نبدأ بخفض الضرائب المفروضة على الشركات الصغيرة الأرباح إلى نسبة 20 في المئة. كما سنعمل على خفض ضرائب العائدات الرأسمالية للمستثمرين وأصحاب الأعمال. في الوقت نفسه سوف نعمل على خفض مساهمات التأمين القومي من قبل الموظفين، مع توسيع الدعم اللازم للاستثمارات الصغيرة التي تحتاج إلى توفر الائتمانات والاعتمادات، إضافة إلى جعل بريطانيا الدولة الأسهل التي يمكن للمستثمرين أن يبدأوا أعمالهم فيها. ولكن علينا ألا ننسى أن بريطانيا بقيت طوال فترة الركود الاقتصادي الأخير هذه، في المرتبة السادسة بين أكبر الاقتصادات العالمية. ولدينا أحد أكثر أسواق العمل مرونة في أوروبا. وحسب ما أوردته "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" في تقريرها الأخير، فإن بريطانيا هي الدولة الأقل تقييداً للاستثمارات والأعمال في العالم كله. وتسهم مجموعة من العوامل في انفتاح اقتصادنا وإظهار مدى انفتاح بلادنا أمام الاستثمار، ليس أقلها: صناعات خدماتنا المالية التي لا تضاهى، وقوة قاعدة مهاراتنا، ورؤيتنا وتوجهنا العولميين، ومواهبنا الخلاقة المبدعة، وجامعاتنا ذات السمعة والمستوى العالميين، فضلاً عن كون بلادنا تقع في موقع مركزي يتوسط النطاقين الزمنيين لقارتي أميركا وآسيا. وعليه فإن لدينا قاعدة قوية نبني عليها. ومع وضع كل ذلك في الاعتبار، فإننا نضخ دماءً جديدة هنا في شرايين علاقاتنا التجارية مع دولة الإمارات العربية والتركيز على هذه العلاقة عبر مجموعة العمل البريطانية-الإماراتية التي أنشئت بعد وقت قصير من تسلم حكومة الائتلاف البريطانية الحالية مهامها، في إطار جهود أوسع نطاقاً تهدف إلى استثمار المزيد من الوقت والجهد في تعزيز علاقاتنا مع مجموعة الدول الخليجية. وتكتسب علاقاتنا التجارية والاستثمارية أهمية محورية في تحقيق هذا الهدف، وهي ما تعكسه لغة الأرقام والإحصاءات وحدها. فالإمارات تحتل المرتبة الثالثة عشرة للصادرات البريطانية، فضلاً عن أنها السوق الأكبر لصادرات بريطانيا في الشرق الأوسط حتى الآن. وفي العام الماضي ساعدت حكومة المملكة المتحدة ما يزيد على ألفي مستثمر بريطاني على إنشاء أعمالهم وبدء الاستثمار في كل من أبوظبي ودبي. ونعمل عبر "مجموعة العمل" على بناء شبكة من العلاقات الثنائية المعززة بين بريطانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، بحيث تشكل هذه الشبكة الشرايين والأوردة التي يتدفق عبرها التبادل التجاري في كلا الاتجاهين، حتى ينمو اقتصاد كلا الدولتين ويزدهرا معاً، وصولاً إلى تحقيق هدفنا المشترك الرامي إلى توسيع التجارة الثنائية بينهما إلى ما تبلغ عائداته 12 مليار جنيه استرليني (ما يعادل 70 مليار درهم إماراتي) بحلول عام 2015. وتحدونا ثقة كبيرة في أننا نتخذ الخطوات الصحيحة داخل بلادنا وخارجها، بغية دعم التعافي الاقتصادي في بلادنا، جنباً إلى جنب مساهمتنا في استقرار وازدهار الاقتصاد العالمي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وليام هيج وزير الخارجية البريطاني